
يلعب التعليم دور حيويّاً في مكافحة تغيّر المناخ وتحقيق الاستدامة ، والعدالة الاجتماعيّة على الصعيدين الوطني ، والعالمي لبناء إنسان بثقافة وقيمة يستطيع أن ينطلق منها لاستدامة الحياة في الأرض، ويحافظ على مواردها من أجل مستقبل الأجيال القادمة حيث يمثل التعليم نقطة مهمة ومحورية في عملية التنمية المستدامة، وتحقيق الرؤية المستقبلية لعام 2030
كما أن جميع دراسات التنمية أجمعت على أن التعليم هو لب التنمية وقلبها النابض ، وأن نجاح التنمية في أي مجتمع يعتمد على التعليم ونظامه المهني حيث يعتبر التعليم والتنمية المستدامة وجهين لعملة واحدة فمحورهما الإنسان ، وغايتهما بناء الإنسان ، وتنمية قدراته ، وطاقاته من أجل تحقيق أهداف التنمية والوصول بمرونة إلى رؤية 2030.
ويلاحظ أن علاقة التعليم ، والتنمية نشأت من ثالوث (التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية البيئية)، حيث لا تستطيع التنمية أن تحقق أي خطوة إلّا إذا توفرت القوى البشرية المؤهّلة والمتعلِّمة، وبالتالي فإن عملية التعليم والتعلّم هي أساس عملية التنمية المستدامة..
ولا سيما التعليم هو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة ويكفل هذا الهدف أن يُكمل جميع البنات ، والبنين التعليم الابتدائي، والثانوي مجانًا بحلول عام 2030م، ويسعى إلى توفير تعليم شامل وعادل ويضمن جودة التعليم ويعزز فرص التعلم مدى الحياة للجميع. كما يعمل على توفير فرص متساوية للحصول على التدريب المهني والقضاء على الفوارق في إتاحة التعليم بسبب الجنس أو الحالة المادية.
ولكي نتمكن من استشراف مستقبل التعليم ودوره الفاعل في تحقيق التنمية المستدامة، فإنه حري بنا هنا أن نُسلط الضوء على دراسة تحليلية بسيطة من الأرقام ، والتحديات لواقع التعليم في شمال سوريا ، وتحديد أهم المعوقات والمشكلات التي أقعدته عن أداء دوره..
ومما لا شك فيه إن آثار الحرب التي لاتزال مستمرة في سوريّا والتي كان لها السبب الكبير على كافة الأصعدة ومنها التعليم حتّى إنّ هذه الحرب عُدّت من أكثر الحروب تدميرًا وفتكاً في التاريخ المعاصر..
فقد أظهرت الأرقام الإحصائية أن قرابة ثلاثة ملايين طفل سوري ممن هم في سن التعليم لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة، وهو ما يمثل ثلث العدد الإجمالي.
وسبق أنّ صرّحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عن خطورة واقع التعليم في سوريا، وقالت: “إنّ نسبة الطلاب السوريين غير الملتحقين بالتعليم نتيجة قصف المدراس قد بلغت 39%.”
كما جاء في التقرير أن “واحداً من بين ثمانية أطفال في كل صف دراسي يحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي تخصصيّ لتحقيق التعلّم الفعال ويعود السبب في هذه الوضعية الكارثية إلى تداعيات الحرب المدمرة التي جعلت قرابة 40% من المدارس في سوريا غير قابلة للاستخدام فقد لحقت أضرار كاملة بهذه المدارس.
أمّا بقية المدارس التي لا تزال صالحة للاستخدام فهي تعاني من ندرة الدعم المالي ،والاكتظاظ الشديد ، والنقص الفادح في المدرسين مابين 150 ألف معلم هارب من الحرب ،وقتيلعلماً أن 80% من السوريين قد أصبحوا يعيشون في فقر مُدقع…
وعلى المستوى الإجرائي ومن خلال الاختبارات التي أجرتها لجنة الإنقاذ الدولة(IRC) ، وُجد أن 59 ٪ من طلاب الصف السادس، و 52 ٪ من طلاب الصف السابع، و35٪ من طلاب الصف الثامن لم يتمكنوا من قراءة قصة بسيطة تتكون من 7-10 جُمل، أي ما يعادل مهارات القراءة للصف الثاني.
لا شك أن التداعيات الناجمة عن هذا الانهيار الواضح في المنظومة التعليمية قاتمة وتنذر بالخطر فالسوريون لا يملكون اليوم المهارات اللازمة والقدرات الضرورية التي تمكنهم من صناعة شيء للأجيال الحالية فكيف للأجيال القادمة!!
وأخيراً بالنظر إلى الدور الأساسي الذي يلعبه المعلمون، تتطلب مواجهة أزمة التعلم ؛ دعم المعلمين الذين يعدون المحرك الأكثر أهمية لحجم ما يتعلمه الطلاب في المدرسة ويجب علينا التأكد من أن لدى جميع المعلمين الدافع لبذل قصارى جهدهم وأنهم مزودين بما يحتاجونه للتدريس بفاعلية أكبر لصناعة أجيال تتلائم مع رؤى التنمية المستدامة.
يتبع…
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.