
سألتني نفسي ( أمازلت تتغزل في مصر وأهلها ؟ ) قلت لها وما الجديد الذي حل بي ليمنعني من حبها والتغزل بجمالها وطيب أرضها وحنية وكرم أهلها ؟ قالت لي يا لك من عاشق معتوه وصدق فيك القول الشائع ( مراية الحب عميا ) قلت لها وما سبب هذا التوبيخ الغير مبرر ؟ فأنا لا أرى جديداً يستدعي هذا الهجوم الشرس فمصر لم تتحرك من مكانها ، فهي مازالت في موقعها الجغرافي في الخرطة العالمية وفي خريطة قلبي أيضاً ، وأنا مازلت أنا العاشق الولهان بكل شيء فيها بكل تفاصيلها رضي من رضي وأبى من أبى
فقد جُبتُ وطني مصر من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه فلم أرى وطنً مثله ولا شعباً كشعبه ، تعاملت مع كل مكوناته السكانية من حضره لريفه لأهل باديته وصحرائه فلم أرى منهم إلا الخير ورأيت اتفاقهم جميعاً على حب هذا الوطن وفدائه ولو بأرواحهم ، رأيت البدوي يحمي الأطراف والثغور بأقل الامكانات محبةً في وطنه ، رأيت الجندي يفارق أهله ليكون في الصفوف الأولى ليتلقى السهام والرصاص بصدره نيابة عن مصر وأهلها ، رأيت طبيبها وممرضها أو ( الجيش الأبيض ) يواجهون أخطر الأمراض بصدورهم المفتوحة ليوفروا الأمن الصحي لهذا الوطن العزيز ، رأيت مثقفيها وعلمائها وهم يمثلون القوى الناعمة وهم يغزون العالم بفكرهم فيحصدون أرقى التكريمات العالمية ( وليست نوبل عنا ببعيد )
قالت لي أعلم أنك رأيت ورأيت ، ولكنك ترى جمالها ومفاتنها فقط ، ولم ترى مساوئ قط ، لم ترى البعض وهو يتمنى أن تنتشر الأمراض في مصر حتى يشفي ( غليل ) قلبه ، ولم ترى من يقوم على تأليف ( الاشاعات ) ليُحدث بلبلة بين الناس ، ولم ترى أيضا ذلك المسؤول الغير مؤهل الذي يترأس عمل وهو غير أهل لهذا المنصب فيسيء لنفسه وللقيادة السياسية ويجلب السخط عليها من الشعب ، ولم ترى ، ولم ترى ، ولم ترى
قلت لها وبكل شجاعة ( نعم رأيت وأرى ) واستطردتُ قائلاُ لكن نسيت أن أقول لكِ أن لكل قاعدة شواذ ، وتأكدي أنني لن أصفق لمثل هؤلاء كما أنني لم أتعود على نفاق أهل السلطان ، فمصر التي أعرفها لم تكن في يوم من الأيام بهذا الشكل الذي ترينه ، ولا أنكر أن هناك تغيرات كثيرة حدثت لكنها أبداً لم تغير في جوهر الإنسان المصري ، وضربت لها مثلاً كثيراً ما أضربه لأهمية مغزاه ألا وهو أن أقسام الشرطة في القطر المصري لم تسجل حادث سرقة واحد في يوم السادس من اكتوبر عام 1973 أو( يوم نصر اكتوبر) وهذا مدلول في غاية الأهمية ولا يعي معناه إلا القليل
ولكن أحسست بألم أصابني مما واجهتني به نفسي وكأنها أتت على جرح أحاول أن أداريه ، فقد ذكرتني بفاجعة كنت أجتنبها ، فقد كنت أرى ما قالت وأغض الطرف عنه وكأن الأمر عابرا ، فلم أكن لأصدق أن هذا الشعب الذي يتوحد في الشدائد وهذا شيء معروف عنه تصيبه الفتن ويتلاعب بطيبته المرجفون ، بل أصبح في بعض الأحيان مرتعاً للإعلام المُضلل الذي يجيد التلاعب بمشاعر الناس ليتم توجيههم على حسب أجنداته الدنيئة فأصبح المواطن المصري سلعة سائغة لأغراض وضيعة
فيا أيها الشعب الأبي المحترم عُد لسابق عهدك متحداً متكاتفاً لا تُثنيك العواصف الهشة التي تبحث عن هد عزيمتك فأنت من أنت بتاريخك المشرف فبك نُصر الإسلام وبك أعيد بيت المقدس وبك عادت كرامة العرب والمسلمين وتفتيت كلمتك مطلب أساسي لأعداء الأمة فلا تتركوا مكاناً للفتن بينكم ، وتذكروا جيداً أن الأشخاص زائلون حكاماً كانوا أو محكومين فلا تجعلوا الخلافات السياسية تنجرف بكم إلى قاعٍ لم يخرج منه حكام الأندلس حتى اليوم فلا تنتصروا على بعضكم البعض بمن يبحث في الأساس على القضاء عليكم جميعاً ، فهل تصل رسالتي لمن يفهم ويعي أم أن ( أكثر الناسِ لا يفقهون )
صالح المسعودي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.