الدكتور سليمان عباس البياضي يكتب…. من هو السلطان برسباي ؟

هو الأشرف سيف الدين برسباي، هو السلطان الثاني والثلاثون في ترتيب سلاطين دولة المماليك، ويُعدّ من عظام سلاطين الدولة المملوكية. ولقد ولد “الأشرف برسباي” رحمه الله، سنة 1369، وقد بدأ رحمة الله حياته مثل آلاف المماليك الذين يُجلبون إلى مصر.نجح “بربساي”في اعتلاء عرش السلطنة في 8 من ربيع الآخر 825هـ / 1 من إبريل 1422م، وهو السلطان الثامن في ترتيب سلاطين دولة المماليك الجركسية، والثاني ،لم يتلقَّ “بربساي”تعليما منظما مثل كثير من “المماليك” في القلعة، وإنما كان تعليمه محدودا، لكنه استكمل هذا النقص بأن اتخذ العالم الفقيه المؤرخ “بدر الدين العيني” رحمه الله مُعلما ومربيا، فكان يسامره ليقرأ له التاريخ، ثم يفسره له بالتركية،

وكان الشيخ ضليعا فيها، كما كان يعلمه أمور الدين.وقد في الفترة التي قضاها في الحكم -وهي نحو سبعة عشر عاما- في إشاعة الأمن والاستقرار، والقضاء على الثورات والفتن، التي شبت في البلاد، والضرب على أيدي الخارجين على النظام.
كمامع ثورة طائفة المماليك الأجلاب، وهم الذين جاءوا إلى مصر كبارًا، وكانوا قد عاثوا في الأرض فسادًا لتأخر رواتبهم في عامي (835هـ / 1431م)، و (838هـ / 1434م)، وقد مكّنه ذلك الاستقرار الذي نعمت به البلاد من القيام بغزو جزيرة قبرص.اتخذ القبارصة من جزيرتهم مركزًا للوثوب على الموانئ الإسلامية في شرق البحر المتوسط وتهديد تجارة المسلمين، فأحرقوا الحوانيت والخانات والفنادق، ودنسوا المساجد، وعلقوا عليها الصلبان، واغت.صبوا النساء، و ق.تلوا الأطفال والشيوخ.فقام السلطان “برسباي” بتجهيز ثلاث حملات على القبارصة، نجحت نجاحا منبهراً؛ ففي الحملة الثالثة استهدف فتح الجزيرة وإخضاعها لسلطانه، فأعد حملة أعظم من سابقتيها وأكثر عددا وعُدة. فأبحرت مائة وثمانون سفينة من رشيد في( 829هـ / 1426م) واتجهت إلى “ليماسول”، فلم تلبث أن استسلمت للقوات المصرية في 26 شعبان 829هـ / 2 يوليو 1426م.
وتحركت الحملة شمالا في جزيرة قبرص، وحاول ملك الجزيرة أن يدفع القوات المصرية، لكنه فشل وسقط أسيرا، واستولت القوات المصرية على العاصمة “نيقوسيا”، وبذا دخلت الجزيرة في طاعة “دولة المماليك”.احتشد أهل مصر لاستقبال الأبطال الفاتحين في 8 شوال 829هـ الموافق ل 14 أغسطس 1426م،

وكانت جموع الأسرى البالغة 3700 أسير تسير خلف الموكب، وكان من بينها “الملك جانوس” وأمراؤه.ارتبطت مصر في عهد “برسباي” بعلاقات ودية مع الدولة العثمانية، وتبادل التهنئة، فأرسل السلطان مراد الثاني رحمه الله بعثة في سنة (827هـ / 1423م)، إلى القاهرة لتهنئة سلطان مصر بالسلطنة، كما بعث إليه ببعثة مماثلة حين حقق انتصاره التاريخي على القبارصة، وقضى على خطرهم. اعتمدت الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي على التجارة والصناعة والزراعة، غير أن التجارة استأثرت بالنصيب الأكبر في الاقتصاد المملوكي.حيث كانت التجارة العالمية تمر عبر حدود “الدولة المملوكية”، وقصد التجار الأوروبيون موانئها للشراء والبيع، الأمر الذي عاد على الدولة بالخير الوفير.وعُني السلطان ببناء ثلاث مدارس، لم يكتف بما شيد من مبانٍ ومنشآت، فشملت عنايته المدارس والخانقاوات التي بنيت قبله بعد أن أهملها مباشروها ونُظّار أوقافها.
وكان من شأن هذه المدارس أن نشّطت الحركة العلمية، وازدهرت العلوم والفنون، وحسبك أن يكون من أعلام عصر “برسباي” رحمه الله الحافظ “ابن حجر العسقلاني” والحافظ “بدر الدين العيني” و العديد من العلماء الذي خدموا الإسلام وبعد حافلة بالإنجازات الخالدة والعظيمة، أسلم السلطان “برسباي” رحمه الله الروح لبارئها، بعد أن حكم نحو سبعة عشر عاما.وكانت وفاته في ذي الحجة (841هـ / مايو 1437م)، بعد أن ارتبط اسمه ب الجهاد ضد الصليبيين، وأضاف إلى دولته جزيرة قبرص، وهو ما أضفى على سلطنته رونقًا وشهرة

الدكتور سليمان عباس البياضي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية وعضو اتحاد المؤرخين العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى