الأنبا سارافيم يكتب : الله أحبنا أولاً..

بقلم:

الأنبا سارافيم

أسقف
الإسماعيلية وتوابعها

نعم الله أحبنا منذ الأزل، قبل أن يخلقنا ، بل وهو خلقنا لأنه يحبنا ويريدنا أن نتمتع بمحبته، ونحن عندما نرى محبة الله لنا نحبه والله كل يوم يكشف لنا جوانب محبته المختلفة؛ لذلك انشغل القديسون بمحبة الله الفائقة، وبادلوه حبًا بحب الله ـ ه هو مصدر كل حب، وينبوع كل حب الله مَحَبَةٌ . فمنذ فجر الخليقة والله يعلن عن محبته للإنسان بطرق شتى. ومحبة الله تشمل الجوانب الروحية والنفسية والجسدية. الله يهتم بكل الإنسان، وبكل جوانب تركيبته البشرية. الله الذي خلق الإنسان يعلم تمامًا احتياجاته فيشبعها له. ومن جوانب محبة الله للإنسان أنه أعطاه وصايا وتعاليم تساعده في خلاص نفسه، ووصايا الله فيها ما هو عام للجميع وأيضًا ما هو خاص ويناسب كل إنسان حسب ظروفه وإمكاناته. وكلما نما الإنسان تتكشف له أعماق جديدة في وصايا الله ومحبته الله هو الذى أعطانا الوصايا وهو الذي يكشف لنا عن أعماقها ومعانيها ، وهو الذى يساعدنا في طاعتها والسير بموجبها . ا الله نور يكشف لنا الطريق، الله أعطانا الوصية لأنه يحبنا، ونحن نطبق الوصية لأننا نحبه لا نستطيع أن نعبر عن محبتنا لله إلا من خلال وصاياه. نحن نعمل ما يرضيه حسبما يرضيه هو، وليس حسبما يرضينا نحن. نحن لا نعرف الطريق إلى الله إلا من خلال الطريق الذي رسمه لنا هو بذاته. يقول المزمور»: «برَأيكَ تَهْدِينِي وَبَعْدُ إلَى مَجْدِ تَأْخُذُني ..هذه المحبة المتبادلة بين الله والإنسان سوف تستمر وتنمو إلى الأبد في السماء الله محبته بلا حدود، فمهما تأملنا جوانبها وأعماقها لن نصل إلى نهايتها أبدًا، لأنها بلا نهاية الملائكة يتأملون في محبة الله لهم وللبشر، فلا يسعهم إلا أن يسبحوا الله على الدوام، تعبيرًا عن شكرهم ومحبتهم هم الله. والمحبة قوة عظيمة جدا، ربما لا تفوقها قوة أخرى. يقول الكتاب المقدس: « الْمَحَبَّةَ قَوِيَةٌ كَالْمَوْتِ مِيَاهُ كَثِيرَةٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِى الْمَحَبَّةَ والسيولُ لاَ تَغْمُرُهَا ». الشهداء يعبرون عن محبتهم لله بتقديم أنفسهم للموت من أجله بل وبعض الشهداء يموتون فى سبيل أخوتهم من البشر. من صفات المحبة أنها لا تطلبُ مَا لنَفْسها .. المحبة بذل وعطاء وتضحية. يقول الكتاب المقدس: «لَيْسَ لأَحَدِ حُبِّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأجل أحبائه». الله من محبته للإنسان خلقه تاجًا للخليقة، وسلطه على كل شيء. بل وخلق كافة الخلائق قبل الإنسان لتكون تحت أمره وفى خدمته. يقول أحد القديسين متأملاً: «. : «خلقت لي السماء سقفًا . ثبت لى الأرض لأمشى عليها من أجلى ألجمت البحر. من أجلى أخضعت طبيعة الحيوان .. الله لم يعوزنا إلى شيء أبدا، إلا أن الإنسان بخطيئته خسر الكثير من سلطانه وهيبته. ولا يسترد ذلك إلا بالتوبة والرجوع إلى الله، المحبة ليست كلامًا وشعارات، بل أفعال وحياة. الله لم يخلق فقط كل شيء، إنما وضع نظامًا وقوانين تضبط الطبيعة لصالح الإنسان. الله يستخدم جميع صفاته الإلهية ليعبر عن محبته للإنسان حكمته عدله حنانه، غفرانه قوته، سلطانه، طول أناته رحمته … إلخ. كل ذلك ينصهر في بوتقة محبة الله للإنسان، وكل ذلك يعمل لصالح الإنسان وسعادته وخلاصه. لا نستطيع أبدًا أن نعبر عن محبتنا الله إلا إذا أدركنا ، ولو جزءًا يسيرًا من محبته هو لنا محبة الله تدركنا طول العمر، وفى جميع الظروف وفى كل لحظة. كل ما نتمتع به هو من يد الله ويعبر عن محبته فلنشكر الله على محبته التى لا نستحقها، ولنجتهد لكى نعبر عن محبتنا نحن له بكافة الطرق وعلى قدر استطاعتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى