حزب الوعي: لا لرفع الأسعار في غياب الرؤية والعدالة الإجتماعية

أصدر حزب الوعي بيان  بشأن قرار رفع أسعار الوقود وتصريحات رئيس الوزراء الأخيرة هذا نصه : –

“هل رفع أسعار الوقود الآن انعكاس لعدم القدرة علي وضع رؤية”؟

يتابع حزب الوعي بقلق بالغ التطورات الإقتصادية الأخيرة التي تمس بشكل مباشر معيشة المواطن المصري،

وعلى رأسها قرار رفع أسعار الوقود بنسب متفاوتة، والتصريحات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء التي

عبّرت بوضوح عن عدم القدرة على وضع رؤية مستقبلية بسبب “التغيرات المتلاحقة”،

بما يعكس أزمة في التخطيط، واضطرابًا في إدارة الأولويات، وتراجعًا ملحوظًا في منسوب الجاهزية والمصارحة.

ورغم أن قرار رفع أسعار الوقود يأتي في إطار برنامج الإصلاح المالي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي،

إلا أن توقيته، واختلال عدالة توزيعه، وانعدام الإجراءات المصاحبة لحماية الفئات المتضررة،

كلها أمور تطرح تساؤلات مشروعة حول مدى إدراك الحكومة لتبعات هذا القرار، ومن يتحمّل تكلفته فعلًا :

أولًا: جاء القرار في لحظة كان يمكن فيها إرجاء تطبيقه، في ظل الانخفاض النسبي في أسعار الطاقة

عالميًا، واستمرار الحرب التجارية العالمية وتأثيراتها التضخمية، وإرتفاع معدلات التضخم محليًا رغم التراجع النسبي الأخير.

ثانيًا: تفاوتت نسب الزيادة بين أنواع الوقود بشكل غير متوازن. إذ زادت أنبوبة البوتاجاز بنسبة 25%،

رغم أنها لا تزال تُستخدم من قِبل عدد كبير من الأسر في القرى والمناطق غير المخدومة بشبكات الغاز.

كما ارتفعت أسعار السولار والكيروسين ( المستخدمين في النقل والخدمات العامة والزراعة، ويستهلكهما الفقراء) بنسبة تقترب من 15%،

في مقابل زيادات تراوحت بين 11% و12.7% لأنواع البنزين الأعلى استخدامًا من قبل شرائح الدخل الأعلى.

ثالثًا: لم تُعلن الحكومة عن أي آليات جديدة لحماية الفئات المتأثرة، رغم أن هذه الزيادات ستؤدي حتمًا إلى إرتفاع تكاليف النقل، وأسعار السلع الأساسية.

وإن كانت الحكومة قد أعلنت في فبراير الماضي عن رفع قيمة معاش ‘تكافل وكرامة’ بنسبة 25%،

فإن هذه الزيادة لا تزال تعوّض جزئيًا فقط التآكل الذي لحق بالقوة الشرائية للمستفيدين، ولا تكفي لمواجهة الأثر التضخمي المتراكم والمستجد.

رابعًا: جاءت تصريحات رئيس الوزراء بشأن “عدم القدرة على وضع رؤية حتى لشهر مقبل”، لتزيد من حالة اللايقين السياسي والاقتصادي،

وترسل رسائل سلبية إلى المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، في وقت نحتاج فيه إلى استعادة الثقة وتعزيز الإستقرار.

خامسا: لن تقتصر آثار رفع الأسعار على الوقود ذاته، بل سيمتدّ أثرها مباشرة إلى زيادة تكلفة النقل والمواصلات العامة والخاصة،

مما سينعكس بدوره على أسعار الخضار والفاكهة والسلع الأساسية.

وهكذا تتولد حلقة تضخمية مفرغة كنا نأمل الخروج منها، لا التورط فيها مجددًا، إذ باتت تفوق قدرة الأسر على التحمّل، وتُضعف من قدرة الدولة على السيطرة على الأسعار أو ضمان الحد الأدنى من استقرار السوق.

إننا في حزب الوعي لا نُنكر حجم التحديات العالمية التي تشمل استمرار الاضطرابات الجيوسياسية،

واختلال سلاسل الإمداد، وتقلب أسعار الغذاء والطاقة، وتغيرات المناخ وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية.

لكننا نؤمن بأن الإدارة الرشيدة لا تستسلم للمجهول، بل تستعد له. فالعالم اليوم بات أكثر تقلبًا، ويستدعي من الحكومات بناء سيناريوهات متعددة، والتخطيط المرن، وتفعيل أدوات إدارة الأزمات واستشراف المخاطر.

وعليه، فإن حزب الوعي يوصي بالآتي:

أولاً – توجيه جزء معتبر من التوفير الناتج عن خفض دعم الطاقة نحو تعزيز الحماية الإجتماعية للفئات المستحقة،

من خلال دعم مباشر لأسطوانات البوتاجاز للأسر غير المتصلة بالغاز، وتوسيع مظلة برنامج “تكافل وكرامة” لتشمل مزيدًا من الأسر المتوقع انزلاقها إلى الفقر.

ثانياً –  الإعلان بشفافية عن خطة إنفاق جزء من الوفورات المحققة على قطاعات التعليم، والصحة، والبنية التحتية الإنتاجية، ورفع الإنفاق العام عليها كنسبة من الناتج المحلي، بما يعكس التزامًا حقيقيًا بتحسين جودة الحياة.

ثالثاً – تشكيل أو تفعيل وحدة دائمة للتخطيط الإستراتيجي وإدارة الأزمات تتبع رئاسة مجلس الوزراء، وتضم خبراء من مختلف التخصصات،

على أن تُناط بها مهمة إعداد سيناريوهات متعددة للتعامل مع الأزمات،

مع الإهتمام الخاص بالسيناريوهات الأسوأ، باعتبارها السبيل لتعزيز مرونة الإقتصاد الوطني ورفع قدرته على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية.

رابعاً – تبنّي سياسات قوية لتحفيز الإنتاج المحلي في الزراعة، والصناعة، والخدمات، لتقليل الاعتماد على الإستيراد، وتحقيق وفرة في المعروض،

بما يخفف من الضغوط التضخمية التي أثقلت كاهل المواطن المصري والذي جعلته غير قادر على تحمّل المزيد من الأعباء دون تحسّن ملموس في دخله وجودة حياته.

خامساً – إشراك المجتمع المدني والخبراء في مناقشة السياسات الإقتصادية والإجتماعية، والإستماع إلى مقترحاتهم، بما يعزز الثقة ويحقق الشراكة الحقيقية بين الدولة والمجتمع.

أخيرا، إن غياب الرؤية ليس قدرًا محتومًا، بل انعكاس لغياب أدوات التخطيط السليم، ورفض الإستفادة من الخبرات المتوفرة.

فالأزمة اليوم لا تقتصر على رفع الأسعار، بل تكشف عن تآكل متواصل في البعد الإجتماعي للسياسات،

وعجز عن بناء قاعدة إنتاجية تلبي الاحتياجات وتقلّص فجوة الإستيراد.

وإننا في حزب الوعي نؤمن بأن مواجهة هذا الخلل تتطلب تنمية حقيقية تقوم على إصلاح إنتاجي يعالج جذور الأزمة، ويقوي مناعة الإقتصاد.

ومصر، بإمكاناتها البشرية والإقتصادية، قادرة على عبور الأزمات إذا ما وُضعت في إطار مؤسسي

يستشرف المستقبل، ويستعد له بوعي وكفاءة، لا يكتفي بردّ الفعل، بل يسبقه بخطوات واثقة ” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى