مراكز لوجستية معطّلة ونصوص غائبة: خبراء يدعون إلى تعديل قانون الإفراج الجمركي لتعزيز الاستثمار وتحسين المناخ الاقتصادي

تحقيق: نوران الرجال
في وقتٍ تتسابق فيه الدول لتحسين بنيتها اللوجستية وتيسير حركة البضائع عبر حدودها، لا تزال مصر تواجه تحديات قانونية وتنفيذية تعرقل الاستفادة الكاملة من مراكز التوزيع اللوجستية، رغم ما تحمله من وعود بتحسين المناخ الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتقليل الضغط على ميزان المدفوعات.
و”الضمير “ترصد أصوات القانونيين، والخبراء الاقتصاديين، ومسؤولي الجمارك الذين يطالبون بمراجعة شاملة لقانون الإفراج الجمركي رقم 207 لسنة 2020، تمهيدًا لتمكين هذه المراكز الحيوية، وجعلها ركيزة من ركائز التنمية المستدامة في مصر
محمد العرجاوي: مراكز التوزيع اللوجستية ضرورة وليست رفاهية
يرى محمد العرجاوي، رئيس لجنة الجمارك بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب تعزيز مراكز التوزيع اللوجستية، ودمجها في المنظومة الجمركية بشكل أكثر وضوحًا وفاعلية.
“تلك المراكز ليست مجرد ساحات تخزين، بل أدوات متكاملة لتحسين كفاءة حركة البضائع، وتقليل مدة الإفراج الجمركي، وتخفيف الضغط على الاقتصاد”، يؤكد العرجاوي.
ويضيف أن القانون الجمركي الحالي لم يتضمن نصوصًا صريحة تنظم إنشاء هذه المراكز، لكنه أيضًا لم يمنعها، مما يترك الباب مفتوحًا أمام الجهات المعنية للاستفادة من الفراغ التشريعي، لكن بشرط الإسراع في التعديلات اللازمة.
محمد العرجاوي، رئيس شعبة الجمارك
إيهاب محمود: الرقابة لا تتعارض مع السرعة
أما المهندس إيهاب محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الجيل الديمقراطي، فيوضح أن الغرض الأساسي من الإجراءات الجمركية هو فرض الرقابة على حركة البضائع المستوردة، مع تسريع آلية الإفراج.
ويقول:
“القانون الجديد أتى لضبط التجاوزات والاحتيال في المستندات، عبر اعتماد آليات مثل التصاريح الموحدة، التوكيلات المباشرة، وتقليص الإعفاءات غير المبررة”.
ويرى محمود أن تقنيات مثل “المسار الأخضر” و”الإفراج تحت التحفظ” تمثل خطوات إيجابية لكنها غير كافية دون ربطها بمراكز لوجستية متطورة تُسهّل الدورة المستندية والتنفيذية.
المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي
علاء الطحاوي: تعديل القانون ضرورة اقتصادية لا تقبل التأجيل
و الدكتور علاء الطحاوي، الخبير في الشأنين السياسي والاقتصادي، يعتبر أن تعديل قانون الإفراج الجمركي لم يعد ترفًا تشريعيًا، بل ضرورة اقتصادية ملحة.
ويؤكد أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية من التعديل:
1. تقليل وقت الإفراج الجمركي لرفع إنتاجية الموانئ وتحسين بيئة الأعمال.
2. تحويل مصر إلى مركز لوجستي عالمي عبر رقمنة الإجراءات الجمركية.
3. زيادة إيرادات الدولة من خلال تسريع الدورة الجمركية وتعزيز تنافسية الصادرات.
“القانون الحالي لا يواكب الطموحات التنموية للدولة، ويجب أن يتحول إلى قانون ذكي رقمي مرن، يدير المخاطر لا يقف عندها”، يضيف الطحاوي.
الدكتور علاء الطحاوي، الخبير الاقتصادي
أيمن محفوظ: التشريع جيد.. لكن التعديل حتمي
المستشار أيمن محفوظ، الخبير الدستوري، يرى أن القانون الجمركي الحالي يضع إطارًا مقبولًا لتنظيم التجارة الدولية، لكنه يحتاج إلى تطوير شامل ليتماشى مع المتغيرات العالمية.
ويشدد محفوظ على ضرورة:
تسريع الإجراءات لتقليل الجهد والوقت.
توسيع التحول الرقمي وربط الجهات المعنية على منصة موحدة.
مواجهة الغش والتهريب بتشريعات أكثر صرامة.
تقليص الإعفاءات غير المبررة وتنظيم الاستثناءات.
“القانون الجيد ليس الذي يكتبه المشرع فقط، بل الذي يُطبق بكفاءة على أرض الواقع ويواكب التحديات العالمية”، يقول محفوظ.
خالد فواز: التحديات تبدأ من البنية التحتية وتنتهي بالكوادر الفنية
ويرى الدكتور خالد فواز، المحامي والباحث الاقتصادي، أن أكبر عائق أمام تنفيذ القانون الجمركي هو الواقع اللوجستي الضعيف وتفاوت التطبيق بين الموانئ.
ويضيف أن البنية التحتية غير المكتملة، ونقص الكفاءات الجمركية، إضافة إلى غياب مراكز لوجستية متقدمة خارج القاهرة والإسكندرية، تقف حائلًا أمام تطوير قطاع التجارة.
“الحلول موجودة، لكننا بحاجة إلى إرادة تنفيذية وتكامل بين القوانين والسياسات الوطنية، وربط واضح بين منظومة الجمارك واستراتيجية النقل والخدمات اللوجستية”، يؤكد فواز.
هل تكون المراكز اللوجستية بوابة مصر للاستثمار العالمي؟
تكشف الأصوات المشاركة في التحقيق عن إجماع واضح: لا يمكن تحسين مناخ الاستثمار أو تسهيل حركة التجارة دون إصلاح شامل لقانون الإفراج الجمركي، وتوفير بيئة داعمة لإنشاء المراكز اللوجستية الحديثة.
ويبقى السؤال الأهم: هل تتخذ الحكومة الخطوة القادمة بجدية، وتبدأ بتحديث تشريعاتها الجمركية، وربطها بتحولات العالم الرقمي والاقتصاد العالمي؟ أم تظل هذه المراكز مشاريع مؤجلة تنتظر “نصًا قانونيًا” غائبًا
الدكتور خالدفواز المحامي و الخبير الاقتصادي
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.